تحديات الحصول على الجنسية التركية عبر الاستثمار- نظرة على المشاكل والحلول

منذ خريف عام 2018، شهدت تركيا إقبالاً متزايدًا من المستثمرين العرب الراغبين في الحصول على الجنسية التركية عبر الاستثمار. خلال العام المنصرم، تمكن ما يقرب من 10,000 مستثمر من الحصول على الجواز التركي بهذه الوسيلة، ولا يزال هذا التوجه مستمرًا مع استمرار تدفق طلبات الحصول على الجنسية منذ مطلع عام 2021.
وعلى الرغم من الإقبال الكبير الذي يشهده برنامج الجنسية التركية مقابل الاستثمار، إلا أن الإجراءات قد ازدادت تعقيدًا في الفترة الأخيرة، وأصبح المتقدمون يواجهون تحديات مستجدة. قد يرى البعض هذه المشكلات غير منطقية ويتهمون محاميهم بتعطيل الإجراءات. ومع ذلك، فإن أغلب هذه التحديات تنبع من التباين في ممارسات السلطات التركية، وليس من أخطاء المحامين.
بالطبع، قد يتسبب بعض المحامين غير المؤهلين أو غير النزيهين في وقوع عملائهم في مأزق، ولكن هذا ليس السبب الرئيسي وراء المشكلات الراهنة. تعود الأسباب الجوهرية إلى تأثيرات جائحة كورونا على المؤسسات الحكومية، والتعديلات الهيكلية التي طرأت على إدارات الهجرة والجنسية التركية، والمعلومات المضللة التي قدمها بعض المستثمرين سابقًا، والتي أدت إلى زيادة حذر السلطات التركية (مثل تقديم تقارير تقييم عقاري قابلة للتلاعب).
في الوقت الحالي، نعقد نحن، مجموعة من المحامين، اجتماعات مكثفة مع المسؤولين الحكوميين بهدف تذليل العقبات التي تواجه المستثمرين الأجانب وممثليهم القانونيين. بناءً على ذلك، نأمل في أن يتم حل بعض هذه المشكلات قريبًا، وأن تعود عملية الحصول على الجنسية إلى سابق عهدها في عام 2019. وحتى ذلك الحين، ننصح المستثمرين الأجانب بالاطلاع على المشكلات الشائعة المحتملة والاستعداد لها مسبقًا.
11 مشكلة من أبرز المشكلات الشائعة:
1- كما هو معلوم، يجب أن يتم تحويل المبلغ المخصص للاستثمار، والذي سيتم استخدامه في طلب الحصول على الجنسية، من حساب المستثمر مباشرة. ومع ذلك، يُسمح قانونًا بتوكيل طرف ثالث لتحويل المبلغ نيابة عن المستثمر.
– في هذه الحالة، يجب الالتزام بالشروط التالية:
- يجب إصدار التوكيل الرسمي قبل إتمام عملية التحويل المالي.
- يجب أن يُذكر اسم المستثمر الأصلي بوضوح في تفاصيل التحويل البنكي. مع الأسف، ترفض بعض مكاتب تسجيل الأراضي التركية هذه التحويلات، وهذا ليس من اختصاصها. في مثل هذه الحالات، يجب على محامي المستثمر الإصرار على سلامة الإيصال من الناحية القانونية وتوضيح خطأ مسؤولي المكتب. بشكل عام، يُفضل التعاون مع محامين متمرسين على دراية بإجراءات مكاتب تسجيل الأراضي، حيث تختلف هذه الإجراءات من مكتب لآخر.
2- يجب تدوين الاسم الكامل للمستثمر كما يظهر في جواز سفره تمامًا في الإيصال البنكي، حيث أن إغفال أي جزء من الاسم قد يؤدي إلى رفض الطلب.
3- إذا استثمر المستثمر في عقار معفى من ضريبة القيمة المضافة، يجب على المستثمر أو من يمثله (محامٍ أو وسيط عقاري) الحصول على مجموعة من المستندات من دائرة الضرائب التركية. يجب أن يوضح التوكيل الرسمي المقدم للسلطات نوع التمثيل القانوني تحديدًا، حتى يتمكن ممثل المستثمر من استلام هذه الوثائق نيابة عنه.
4- يجب على المستثمر أن يتأكد من أن تقرير تقييم العقار قد تم إعداده بواسطة خبير أو شركة متخصصة ذات خبرة. لقد واجهنا العديد من المشكلات، وفي بعض الأحيان حالات احتيال، بسبب التقارير التي أعدها خبراء أو شركات غير مصرح لها أو تفتقر إلى الكفاءة. أي خطأ في التقييم قد يؤثر سلبًا على الموافقة على الطلب.
5- تُعد وثيقة الزواج (أو وثيقة إثبات الحالة الاجتماعية إذا كان المستثمر أعزب) من بين المستندات المطلوبة لتقديم طلب الحصول على الجنسية، بالإضافة إلى نسخ من جواز السفر وشهادة الميلاد. ومع ذلك، يشترط مكتب الجنسية في تركيا حاليًا أن تكون المستندات الثلاثة صادرة من نفس الدولة، على الرغم من عدم وجود أساس قانوني لهذا الإجراء. يُعتبر هذا الشرط الإضافي من أبرز الصعوبات التي تواجه الأجانب الراغبين في الحصول على الجنسية التركية.
تُعد مشكلة المستثمرين الذين تزوجوا في بلد آخر غير بلدهم الأصلي من بين أكثر المشكلات إلحاحًا التي نسعى لحلها، ولا تزال هذه المشكلة قائمة حتى الآن!
6- ترفض بعض السفارات والقنصليات التركية في بعض البلدان إصدار توكيل رسمي لطلب الجنسية. في هذه البلدان، يجب على المتقدمين إصدار توكيل قانوني من السلطات المحلية ثم ترجمته وتصديقه من قبل السفارة أو القنصلية التركية. ومع ذلك، قد يكون لكل دولة معايير مختلفة لإصدار التوكيل القانوني، وبالتالي قد لا تتوافق هذه المعايير في بعض الأحيان مع المعايير التي تتوقعها السلطات التركية.
لضمان الامتثال للمعايير المعمول بها، يُنصح المستثمرون بشدة بالاستعانة بمحام تركي للتحقق من صحة التوكيل القانوني الصادر عن السلطات المحلية. كما يُنصح بشدة بالاستعانة بمحامٍ للتواصل مع السفارة أو القنصلية التركية منذ البداية.
7- قد يكون أبناء المستثمرين دون السن القانونية عند تقديم الطلب، لكنهم قد يبلغون سن الرشد القانوني (عادةً ما يزيد عن 18 عامًا) في الفترة بين تقديم الطلب وإكماله.
يحتفظ هؤلاء الأبناء بحق الحصول على الجنسية مع والديهم طالما يتم تقديم مستندين إضافيين مباشرة بعد الانتهاء من تقديم الطلب الرئيسي. يجب على المستثمرين ومحاميهم الانتباه وعدم إهمال هذا الشرط الإضافي. لتجنب أي تأخير، يمكن لمقدم الطلب إعداد هذه المستندات مسبقًا.
8- يجب الإشارة إلى أنه في حال ولد أبناء المستثمرين خارج إطار الزواج، فإنهم لا يستحقون الحصول على الجنسية التركية مع المستثمر. أعتقد أن هذه الممارسة تتعارض مع المبادئ الأساسية لقانون الجنسية التركية ويجب تغييرها، ولكن المشكلة لا تزال قائمة حتى الآن على الأقل.
9- خلال عملية تقديم الطلب، يجب على المستثمرين الأجانب التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة خاص بالمستثمرين قبل تقديم طلب الحصول على الجنسية. على الرغم من أن القواعد في تركيا تتطلب أن يكون مقدم طلب تصريح الإقامة مقيمًا في تركيا أثناء تقديم الطلب، إلا أنه في هذا النوع من طلبات تصريح الإقامة، لا يُشترط وجود المستثمر في تركيا، ويمكن لمحاميه تقديم الطلب نيابة عنه. ومع ذلك، لا يتمتع أفراد أسرة المستثمر بهذا الامتياز، على الرغم من أن لديهم أيضًا الحق في الحصول على تصريح إقامة المستثمر.
عادةً لا يحتاج المستثمرون إلى حصول أفراد عائلاتهم على هذا التصريح، لأنه مجرد مرحلة مؤقتة قبل الحصول على الجنسية التركية. ولكن في بعض الحالات الاستثنائية، قد يطلب المستثمرون من أفراد أسرهم الحصول على تصريح إقامة المستثمر أيضًا (على سبيل المثال، لتمكين أطفالهم من الالتحاق بالمدارس الدولية في تركيا، وهو أمر غير مسموح به للمواطنين الأتراك). في مثل هذه الحالات، يجب على أفراد الأسرة الحضور إلى تركيا أثناء تقديم طلب تصريح الإقامة. أعتقد أنه يجب منح نفس امتياز المستثمر لأفراد عائلته أيضًا.
10- إذا أراد المستثمر السوري الذي يتمتع بوضع الحماية المؤقتة في تركيا التقدم بطلب للحصول على الجنسية التركية من خلال الاستثمار، فإنه يتعين عليه مغادرة تركيا ثم العودة إليها مرة أخرى قبل التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة المستثمر المذكور أعلاه. هذا عبء إضافي وغير ضروري على مقدم الطلب، ونحن نعمل على إلغائه. ولكن في الوقت الحالي، لا تزال المشكلة قائمة.
11- في بعض جوازات السفر، مثل جوازات السفر الإيرانية واليمنية، لا يتم تدوين الجنسية الوطنية لحامل الجواز. في هذه الحالة، تطلب السلطات التركية وثيقة إضافية لإثبات جنسية مقدم الطلب.
ملاحظات ختامية:
تمر عملية الحصول على الجنسية التركية عن طريق الاستثمار عبر العديد من المؤسسات الحكومية، مثل مكتب الهجرة وإدارة الجنسية ومديرية الشرطة وغيرها. لذلك، قد يكون من الصعب تحقيق الانسجام بين هذه المؤسسات في ظل الظروف الوبائية الحالية. نتيجة لذلك، ارتفعت المدة القياسية لتقديم الطلب إلى ما بين ستة وسبعة أشهر، بعد أن كانت تتراوح بين ثلاثة وأربعة أشهر فقط قبل عام 2019. كما أن الشكليات المفرطة والبيروقراطية قد تخلقان عقبات غير ضرورية أمام المستثمرين.
في بعض الأحيان، لا تعلن المكاتب الحكومية المعنية عن التغييرات في الإجراءات في الوقت المناسب، مما يمنع المتقدمين ومحاميهم من اكتشاف التغييرات قبل مواجهة مشكلة جديدة. من ناحية أخرى، قد يعتقد المستثمرون الأجانب أنه يمكن التغاضي عن بعض المشاكل والتأخيرات من أجل الحصول على جواز سفر جديد. لذلك، يجب على المستثمرين الأجانب التحلي بالصبر. نأمل في تحسن إجراءات طلب الحصول على الجنسية التركية في المستقبل القريب.